إقتصاديدوليفي الواجهة

كلمة وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج بمناسبة الدورة الوزارية الثامنة لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي

ألقى رمطان لعمامرة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج بمناسبة الدورة الوزارية الثامنة لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي أكّد فيها أن الجزائر تولي اهتماما خاصا للشراكة في إطار منتدى التعاون مع الصين، الذي يعتبر بلدا صديقا تاريخيًا وشريكًا استراتيجيا، مبديا دور الصين في دعم ومساعدة الدول الإفريقية للتخلص من نير الاستعمار وتنمية وتطور القارة الافريقية، وكذا التطور الذي شهده التعاون الافريقي الصيني انطلاقا من سنة 2000 تاريخ تأسيس منتدى التعاون الصيني-الإفريقي.. وهذا نص الكلمة:

أود في البداية أن أسدي جزيل الشكر إلى السيدة عائشة تال صال، وزيرة الشؤون الخارجية والسنغاليين بالخارج ومن خلالها للسلطات السنغالية على كرم الضيافة وعلى التنظيم المحكم لهذا الاجتماع. كما أغتنم هذه المناسبة لأتوجه بالشكر والامتنان إلى السيد وانغ يي، مستشار الدولة ووزير الشؤون الخارجية لجمهورية الصين الشعبية على التزام الصين وجهودها في سبيل ترقية الشراكة بين الصين وإفريقيا.

أصحاب المعالي الوزراء؛
إن إلتئام هذه الدورة تحت عنوان “تعميق الشراكة الصينية-الإفريقية وتعزيز التنمية المستدامة لبناء مجتمع مصير مشترك بين الصين وإفريقيا في العصر الجديد”، ينمّ عن روح التضامن والإرادة المشتركة القوية في تطوير تعاون إفريقي- صيني مستدام وطويل الأمد.

هذا التعاون الذي شهد تطورا سريعا في مختلف المجالات منذ تأسيس منتدى التعاون الصيني-الإفريقي في عام 2000، جعل شراكتنا مثالا يحتذى به في مجال التعاون الدولي.
وفي هذا الصدد، أثمّن عاليا جهود السلطات الصينية في رصد التمويلات بمختلف الصيغ لفائدة مشاريع في الدول الإفريقية، كما أعرب عن ارتياح بلدي للتقدم المُحرز في تنفيذ برنامج عمل منتدى التعاون الصيني-الإفريقي 2019-2021، الأمر الذي سمح بتعزيز وترقية التعاون بين الشريكين طبقا لمبادئ الإخلاص والصداقة والمساواة المنصوص عليها في الإعلان السياسي المشترك للقمة الثالثة لمنتدانا الذي انعقد ببيجين في سبتمبر 2018، وذلك بالرغم من العقبات التي نتجت عن انتشار وباء كوفيد-19.
بهذا الخصوص، وفي الوقت الذي قوّضت فيه جائحة كوفيد-19 روح التكافل بين الدول ونمّت الأنانية الوطنية، نقدر ونثمّن ما أبدته الصين من تضامن مع قارتنا لمواجهة هذه الجائحة، من خلال المساعدات القيمة التي قدمتها لعديد الدول من أجل تعزيز قدراتها للتصدي لهذا الفيروس وتوفير اللقاحات، فضلا عن الشراكة مع بعض الدول الإفريقية لإنتاج اللقاحات في بلدانها، على غرار المصنع الذي تم تدشينه في الجزائر نهاية سبتمبر الفارط والذي باشر الإنتاج ويمكن أن يلبي جزءا معتبرا من حاجيات قارتنا.

أصحاب المعالي الوزراء؛
إن معاناة البلدان الإفريقية من تبعات أزمة كوفيد-19 وما أفرزته من صعوبات اقتصادية ومالية، عقدت مسعى دول القارة لتحقيق تنمية مستدامة، وبالأخص في مجال مكافحة الفقر وتقليص عدد الوفيات لدى الأطفال وكذا محاربة الامراض المتفشية في بعض بلدان قارتنا، يملي علينا ضرورة تكييف ومواءمة برنامج عمل المنتدى للفترة 2022-2024 بشكل يسهم في تخطي هذه المرحلة الصعبة.

على صعيد آخر، تشكل مسألة حماية البيئة، وبوجه أخص، مكافحة تغير المناخ، هاجسا بالنسبة للقارة الافريقية، التي تعاني من تبعات هذه الظاهرة على المنظومة الايكولوجية وعلى القطاعات الاقتصادية، لاسيما الفلاحة، التي تعد مصدر عيش شريحة عريضة من شعوبنا، على الرغم من أن مسؤولية قارتنا في تغير المناخ شبه منعدمة أمام تلك الملقاة على عاتق البلدان المصنعة.

وفي هذا السياق، نأمل أن يساهم الإعلان حول مكافحة التغيرات المناخية الذي سنعتمده عقب أشغالنا في تأطير التعاون مع الصين لتطوير القدرات المؤسساتية والبشرية لبلدان القارة في كافة الميادين، بما يتيح لنا تحكما أفضل في تبعات التغير المناخي ويؤمن لنا تطورا يراعي المحيط والبيئة.
أصحاب المعالي الوزراء،

جميعنا يدرك تلازم ثلاثية السلم والأمن والتنمية، وهي معادلة تستلزم تبني مقاربة شاملة تجمع بين استتباب الأمن وبعث عجلة التنمية، تماما مثل ما تقره أهداف وتطلعات أجندة الاتحاد الإفريقي 2063″ التي تصبو لمعالجة الأسباب العميقة المهددة للأمن والسلم والمؤدية إلى العنف وتفشي النزاعات وبؤر التوتر في قارتنا. ولا ريب أن لمنتدى التعاون الصيني- الافريقي دورا هاما في عالم ما بعد كورونا لا يقتصر على تمويل مشاريع استثمارية فحسب بل تحتاج الدول الافريقية كذلك إلى خبرة ومرافقة الصين من أجل تحقيق هذه الأجندة التنموية.

أصحاب المعالي الوزراء؛
تولي الجزائر اهتماما خاصا للشراكة في إطار منتدى التعاون مع الصين، الذي يعتبر بلدا صديقا تاريخيًا وشريكًا استراتيجيا، كان من بين الدول الرائدة في دعم ومساعدة الدول الإفريقية للتخلص من نير الاستعمار وتنمية وتطور قارتنا.

تربط بلادي علاقات تاريخية متينة مع جمهورية الصين الشعبية تجذرت بعمق أثناء الثورة التحريرية المجيدة التي قدم لها أصدقاؤنا الصينيون الدعم السياسي والعسكري. ولقد تواصلت وتعززت شراكتنا بعد الاستقلال إلى حد الارتقاء إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة سنة 2014.

وعلى المستوى القاري، تعمل الجزائر جاهدة على جعل التنمية المستدامة في قلب مسار التعاون بين إفريقيا والصين و أساس اندماجنا القاري. وفي هذا الإطار، وإدراكا منا لأهمية تدعيم التكامل الاقتصادي في بعث التنمية المستدامة، فقد أولت السلطات الجزائرية أهمية بالغة لتنفيذ سياسات التنموية وبرامج اقتصادية ذات بعد تكاملي، على غرار:
-الطريق العابر للصحراء الجزائر- لاغوس بطول 2415 كم؛

-“خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” وهو مشروع جزائري-نيجيري بطول إجمالي 4128 كم مسجل في إطار النيباد؛
-مشروع الربط بالألياف البصرية الجزائر–أبوجا، وهو مشروع في إطار النيباد سيمكننا من زيادة استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبالتالي تقليص الفجوة الرقمية.
كما سيساهم ربط الطريق العابر للصحراء بشبكات الطرق السريعة الجزائرية والبنية التحتية الأخرى مثل مطارات وموانئ الجزائر في تسهيل حركة البضائع والأشخاص بين قارتنا وبقية العالم وتفعيل التجارة الدولية عبر تخفيض تكاليف النقل بشكل معتبر، وبالتالي الرفع من تنافسية منتوجات قارتنا في الأسواق الإقليمية والدولية.
كما ستساهم هذه المشاريع التي اقترنت بدخول الاتفاقية المتعلقة بمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية حيز التنفيذ في بداية هذا العام، في تحفيز التجارة بين البلدان الإفريقية وستفتح آفاقا جديدة لشركائنا الصينيين للاستثمارات الجديدة في قارتنا وهو ما سيعود بالربح والمنفعة على الطرفين.

أصحاب المعالي الوزراء؛
في ختام كلمتي، أودّ أن أعبّر عن أملنا في أن يدوم حوارنا المنتظم والصريح والمثمر حول قضايا التعاون والتنمية المستدامة في إفريقيا وأن يفضي التعاون في إطار منتدانا هذا إلى تجسيد المزيد من المشاريع الطموحة والمراعية لأولويات القارة الإفريقية على النحو الوارد في أجندة الاتحاد الإفريقي في أفق 2063 واستراتيجيات التنمية الوطنية وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق